نحن نعيش الآن في عصر الإمكانات غير المحدودة.
لم يسبق لنا كبشر على الإطلاق أن مررنا بمثل هذا النمو السريع لعدد من رواد الأعمال الشباب الذين بدأوا عملهم الخاص؛ بداية من مطوري التطبيقات، إلى الكتّاب الذين يعملون لحسابهم الخاص، ومستشاري الأعمال، والمنتجين الخلاقين، ومؤسسي الشركات.
فهناك وفرة في الأشخاص المستعدين لأخذ مخاطر كبيرة محسوبة؛ من أجل تحقيق حلمهم بالعمل الخاص، حسب تقرير نشره الكاتب ورجل الأعمال رايان روبنسون في Business Insider، ذكر فيه أن هناك الكثير من رواد الأعمال الذين يعملون منفردين، يُنمّون مشروعاتهم الصغيرة لتصبح بالملايين.
وقال كذلك إنه على الرغم من تلك النظرة المشرقة، يقع معظم من يرغبون في امتلاك عملهم الخاص، ضحيةً للخوف من تحويل أفكار أعمالهم الجانبية إلى واقع ملموس.
واستشهد روبنسون بدراسة حديثة أجرتها جامعة بينتلي، خلصت إلى أن أكثر من 66% ممن تتراوح أعمارهم بين 18 و34، أبدوا رغبتهم في تأسيس عملهم الخاص. بينما بلغ من يمتلكون أعمالهم الخاصة ممن لم يتعدوا سن الـ30 بالولايات المتحدة في عام 2013، 3.6% فقط.
ورأى أن سهولة الوصول لموارد التعليم المجانية وغير المكلفة على الإنترنت، من خلال منصات مثل CreativeLive وSkillshare وGeneral Assembly وغيرها، ساعد على إزالة الحواجز من أمام الكثيرين في دخول مجال العمل الخاص.
ويرصد الكاتب أهمية وجود فرص التعلم الإلكتروني القيّمة المتاحة بسهولة كما الاتصال بالإنترنت؛ إذ لم يعد ثمة عذر لعدم اكتساب مفاهيم جديدة، وبناء مهارات قوية.
وشارك روبنسون في مقاله على Business Insider تجربته خلال السنوات القليلة الماضية، حيث قال إنه أسس شخصياً أول شركة خاصة فاشلة، ثم عمل عملاً حراً، إلى أن أسس 4 شركات ناجحة، كل ذلك خلال عمله في وظيفة ذات دوام كامل.
واكتشف روبنسون، من خلال عمله وتجربته الشخصية، 3 أسباب هي الأكثر انتشاراً لعدم سعي الناس وراء تأسيس شركاتهم الخاصة، وهي:
- عدم وجود ثقة بالنفس.
- افتقار ملموس إلى الموارد اللازمة.
- وأهم ما في الأمر، عدم وجود الحافز.
ويكشف روبنسون أن بدء العمل الخاص خلال فترة الانشغال بوظيفة بدوام كامل أمر شاق، “إلا أنه قد يوفر لك الكثير من وسائل الراحة والأمان التي سرعان ما ستتلاشى عندما تستقيل من وظيفتك من أجل إنجاح فكرة شركتك. يجب أن يكون هناك دخل ثابت لتمويل مشروعك الجديد، ولإجبار نفسك على التركيز فقط على ما يحقق أفضل النتائج، ويخفف الضغط عنك”، حسب تعبيره.
إليك 10 خطوات شاركها الكاتب، لتأسيس عمل جانبي، بينما تحتفظ بوظيفتك ذات الدوام الكامل:
1. حدد التزاماتك
سوف تواجه صعوبة في ذلك الأمر.
سيمثل ذلك ضغطاً على علاقاتك، وستكون مجبراً باستمرار على اتخاذ قرارات صارمة.
دَوِّن قائمة بكل الأنشطة والالتزامات المزمع الانتهاء منها خلال الأسبوع، وحدِّد الوقت اللازم لكل منها.
سجِّل ملاحظات عن الأشخاص الذين تستطيع أن تُقلل من لقاءاتهم، ودعهم يعرفون أنك ابتعدت قليلاً للتركيز على مشروع جديد يعني الكثير بالنسبة لك.
ثم ابدأ في إلغاء الأمور السهلة أولاً، كقضاء الوقت في مشاهدة التلفاز، أو ممارسة ألعاب الفيديو، أو تصفّح فيسبوك وإنستغرام. فكلما استطعت أن توفر المزيد من الوقت، كان بمقدورك الحصول على نتائج بشكل أسرع.
2. احصر نقاط قوتك واهتماماتك
ما المهارات التي تتطلبها فكرة شركتك الجديدة؟
أنت تمتلك على الأقل بعض المهارات الضرورية اللازمة لتحويل شركتك إلى واقع ملموس، لكن إذا كنت لا تمتلك تلك المهارات، فأنت تواجه الآن قراراً صعباً. عليك التوقف وبذل بعض الوقت في تعلم مهارة جديدة، أو الاستعانة بشخص آخر كمصدر خارجي، يستطيع أن يساعدك في تحمّل المسؤولية.
إذا كنت تريد أن تكتشف قوتك كرائد أعمال، جرِّب تلك التدريبات، التي سوف تساعدك على كشف مهاراتك الاجتماعية والعملية، وتبين نقاط ضعفك في مجال الأعمال. تذكَّر، إذا كانت أفكارك ومهاراتك غير متوافقة، فلا بأس.
إذا بحثت في المكان المناسب، فستجد عدداً كبيراً من العمالة المستقلة على استعداد للعمل معك.
3. تحقَّق من جدوى فكرة شركتك
عندما قررت مجلة Fortune سؤال الشركات الناشئة التي أخفقت عن سبب إخفاقها، كان السبب الأول هو انخفاض الطلب على منتجاتهم؛ إذ أكد قرابة النصف ممن سألتهم المجلة، أن ذلك كان السبب في فشل شركتهم.
عليك أن تتحقق من جدوى فكرة شركتك في مرحلة مبكرة من تخطيطك لها. أي أن تحصل على المعلومات الموثوقة من العملاء الذين دفعوا أموالاً بالفعل؛ لأنه كما يقول جيسون فريد، مؤسس شركة Basecamp: “إن الإجابة الوحيدة المهمة، هي إنفاق الدولارات. فالناس يجيبون بالفعل عندما يدفعون مقابل أي شيء. إنها الإجابة الوحيدة الجديرة بالاهتمام”.
إن الطبيعة البشرية هي ما تدفعنا لاعتقاد أننا على صواب، وأن أفكارنا مدهشة على الدوام. لكن للأسف، مفاهيمنا عن الأعمال وأفكار منتجاتنا غالباً ما تكون غير مخطط لها بشكل كامل، أو مفيدة، أو حتى دُرست بشكل صحيح.
من خلال التريث وبناء مفاهيم تجريبية أساسية راسخة باستمرار من المعلومات المستقاة من عملائك المستهدفين، سوف تكون قادراً تدريجياً على إنشاء حلول تضمن تلبية احتياجاتهم. وعليه، تصبح قادراً على النمو من تلك النقطة.
4. اخلق ميزة تنافسية
تُعرف الميزة التنافسية بأنها الخاصية المميزة التي تمكّن شركتك من تحقيق مبيعات أو هامش ربح أكبر، بالإضافة إلى/أو كسب والحفاظ على عدد عملاء أكبر من المنافسين الآخرين.
يمكن لذلك أن يحدث من خلال هيكل التكلفة، أو عرض المنتجات، أو شبكة التوزيع، أو العلاقات الاستراتيجية، أو دعم العملاء، أو أي وجه من أوجه مجال أعمالك.
لا بد أن تكون صادقاً مع نفسك؛ إذ لا يقتصر أداء عملك بتفانٍ على أن تسد حاجة السوق؛ بل أن تقوم بذلك بالطريقة التي تميزك عما هو متاح حالياً.
5. حدد أهدافاً مفصلة وموضوعية وواقعية
يجب ألا تخطو خطوتك الأولى دون أن تعرف على الأقل إلى أين سينتهي بك الأمر.
دون وضع أهداف محددة وأُطر زمنية واقعية لنفسك، فأنت بصدد إهدار الكثير من الوقت. فمن خلال تجربتي، تحديد أهداف يومية وأسبوعية وشهرية لنفسك، يجدي نفعاً كبيراً. تلك المراجعة المستمرة تساعدك على تذكُّر الأهداف طويلة وقصيرة الأجل.
غالباً ما ستبدو أهدافك اليومية في البداية مجرد نقاط بسيطة، أو قائمة لإنجاز بعض المهام، ثم تبدأ بعد ذلك تدريجياً النجاح في تحقيق مرحلة تلو الأخرى مع اقتراب تدشين شركتك الجانبية.
6. ارسم خارطة طريق لتاريخ البدء وما بعده
يجب أن تحدد أهدافك في البداية، ثم ترسم خريطة لأعمالك المختلفة كافة بعد ذلك، توضح فيها بالتفصيل كيفية الانتقال إلى المرحلة B، ثم إلى C وD وهكذا.
يجب أن تكون لديك رؤية مستقبلية مفصلة لتلك الخطوة، وتذكر أنه يجب عليك أن تتأقلم باستمرار مع التقلبات طوال الوقت.
لا يمكن لأحد أن يُنشئ لك شركتك، لكنك لن تستطيع أن تُنشئها وحدك أيضاً.
إن قدرتك على حل المشاكل والسير وسط العراقيل التي تواجهك، سوف يحدد مستوى نجاح شركتك. وإذا كنت في حاجة للمزيد من الإلهام، فلتلقِ نظرة على كيفية تحقيق بعض كبار القادة والشركات أهدافهم مرة تلو الأخرى.
7. أسنِد جوانب القصور لديك إلى جهات خارجية
ابحث عن فرص الاستعانة بمتعهدين خارجيين لكل جزئية ممكنة داخل شركتك قدر الإمكان.
فمن الطبيعي أنك لا تريد لشخص آخر أن يحدد لك أهدافك، أو يرسم لك خارطة طريقك، أو يخبرك كيف يجب أن يكون شكل المنتج أو الخدمة التي تقدمها.
النقطة المحورية، هي أنك تريد أن تعمل ما تجيده فقط.
يقول باول مايرز: “ركِّز على نقاط قوتك بدلاً من نقاط ضعفك، وعلى قدراتك بدلاً من مشاكلك”.
إنه لشيء رائع أن تكون قادراً على برمجة موقعك الإلكتروني لتقييم الخدمة الإلكترونية لفكرتك، أما إذا لم تكن على دراية كافية بالفعل بتطوير المواقع، فإنك ستقضي بضعة أشهر متفرغاً للتعليم لمجرد الوصول إلى المرحلة التي تكون قادراً فيها على فهم الأساسيات.
لحسن الحظ، أنا أعرف مكاناً رائعاً للحصول على مساعدة متميزة لفكرة شركتك.
8. ابحث بجدية عن ردود الفعل الموضوعية
إن هدفك الأساسي هو بناء منتج أو خدمة تضيف قيمة إلى الناس. لذا، من المهم أن تسعى بموضوعية وراء ردود الفعل الخارجية، للتأكد من بنائك شيئاً ما يضيف قيمة حقيقية لعملائك.
قم بذلك من اليوم الأول لشركتك، ولا تتوقف أبداً.
لكي تجد المجموعة التي تتلقى منها ردود الفعل مبكراً، عليك استهداف بعض الأشخاص الذين تعرف أنهم سيعطونك رأياً صادقاً بشكل فردي. تتضمن مجموعة زياراتي عدداً من الأصدقاء رواد الأعمال المقربين، بالإضافة إلى بعض أصحاب الخبرة الذين أتواصل معهم.
يمكنك البدء بتوسيع نطاق تلقّي ردود الفعل من هذه النقطة، ومن ثم البدء في تضمين مجموعات فيسبوك، ومجموعات لينكد إن، وريديت، و HackerNewsو ProductHunt و GrowthHackers وما إلى ذلك.
9. لا تُزِل الحدود الفاصلة بين عملك وشركتك
قد يبدو إنشاء “نسخة أفضل من الشركة التي تعمل بها” شيئاً مغرياً، لكن ما لم ينسَ صاحب عملك أخذ بعض الدروس الأساسية في الحسبان على مدار الوقت، فعلى الأرجح نصَّ عقد عملك بوضوح على موافقتك على عدم القيام بذلك بالضبط.
بالإضافة إلى أنه يعد سلوكاً سيئاً، ومن شأنه أن يدمر الكثير من العلاقات التي قد تكون بدلاً من ذلك، مفيدة جداً لك يوماً ما.
لذلك، تعد أفضل أفكار الشركات، هي تلك التي تعزز من أدائك عملك، وتمنحك الفرصة لاستكمال بناء نقاط قوتك خارج العمل.
إذا كان ثمة بند ما في عقدك ينص على عدم المنافسة، أو بند للتنازل عن براءة الاختراع، أو اتفاق عدم الإفصاح، يُفضل حينها استشارة محامٍ للحصول على النصيحة الشخصية فيما يخص تلك الأمور.
قد يبدو الأمر واضحاً، لكن لا تقم بأي أعمال خاصة بعملك الجانبي خلال وقت دوام وظيفتك. يجب عليك أيضاً أن تمتنع عن استخدام موارد الشركة فيما يخص عملك الجانبي، بغض النظر عن مدى جاذبيته.
ويتضمن ذلك عدم استخدام حاسب العمل الآلي، أو أدوات الإنترنت، أو البرمجيات، أو الاشتراكات، أو أجهزة الكمبيوتر المحمولة، أو طلب المساعدة من الموظفين الآخرين، إلا بعد أن تستوضح عن ذلك جيداً من محاميك.
10. يجب أن تصل إلى حجم الأعمال الحاسم قبل ترك عملك الحالي
لا تفهم كلامي بشكل خاطئ، فأنا أحبذ القيام بالأشياء التي تهمني فقط، وأبذل فيها 100% من طاقتي.
أقصد بكلامي، أنني على استعداد تام لأن أستنفد وقتي كاملاً في اختبار فكرة ما، واستكشاف السوق المستهدفة، وتجربة هذه الفكرة في تلك السوق، قبل اتخاذ قرار الاستقلال، الذي “سيكون بلا شك قراراً هاماً”.
إن توافر الوقت لمواصلة التفكير فيما يخص شركتي، والسعي وراء مشورة الآخرين، سوف يعود بنفع كبير على مشروعك الجانبي.
الأهم من ذلك، من دون العمل على تأسيس شركة ذات نمو مرتفع، ودون التوصل إلى ممول للاستثمار، أو أن تكون قادراً على التمويل بنفسك، فإنك في الواقع سوف تحتاج إلى شكل من أشكال الدخل الثابت قبل أن تتمكن شركتك الجديدة من أن تكون مصدرك الوحيد للرزق.
إن بدء مشروع جانبي في أثناء العمل في وظيفة بدوام كامل، سوف يكون صعباً بلا شك، لكنه ممكن. فهناك طرق عدة لريادة الأعمال مثل عدد رواد الأعمال في العالم. فلتأخذ هذه الخطوات في الحسبان، وسوف تبلي بلاءً حسناً في سبيلك لأن تكون رئيس نفسك. تخيَّل ذلك الشعور الرائع.
المصدر : huffpostarabi